فصل: باب فضل الحلق وجواز التقصير:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تيسير العلام شرح عمدة الأحكام



.باب كيف ترمى جمرة العقبة:

الحديث الأول:
عَنْ عَبْدِ الرحْمَنِ بْنِ يَزِيِدَ النَّخَعِي أنَّهُ حَجَّ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَرَآهُ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، فَجَعَل البَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، ومِنىً عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: هذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ صلى الله عليه وسلم.
المعنى الإجمالي:
رمي الجمار في يوم النحر وأيام التشريق عبادة جليلة، فيها معنى الخضوع لله تعالى، وامتثال أوامره والاقتداء بإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، واستعادة ذكريات قصته الرائعة مع ابنه في صدق الإيمان وطاعة الرحمن حين عرض له الشيطان محاولاً وسوسته عن طاعة ربه فحصبه في تلك المواقف، بقلب المؤمن وعزيمة الصابر ونفس الراضي بقضاء ربه.
فنحن نرمى الشيطان متمثلاً في تلك المواقف إحياء للذكرى وإرغاماً للشيطان الذي يحاول صدنا عن عبادة ربنا.
وأول ما يبدأ به الحاج يوم النحر هو رمي الجمرة الكبرى لتكون فاتحة أعمال ذلك اليوم الجليلة.
فيقف منها موقف النبي صلى الله عليه وسلم حيث الكعبة المشرفة عن يساره ومني عن يمينه واستقبلها ورماها بسبع حصيات يكبر مع كل واحدة كما وقف ابن مسعود رضي الله عنه هكذا وأقسم أن هذا هو مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة، صلى الله عليه وسلم.
ما يؤخذ من الحديث:
1- مشروعية رمي جمرة العقبة وحدها يوم النحر.
2- أن يرميها بسبع حصيات، واحدة بعد أخرى، ولا يجزئ رميها دفعة واحدة، وهو مفهوم من الحديث.
3- يجوز رميها من أي مكان بإجماع العلماء.
ولكن الأفضل أن يجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه، ويستقبلها.
4- أن هذا هو موقف الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر ابن مسعود سورة البقرة، لأن فيها كثيراً من أحكام الحج.
5- جواز إضافة السورة إلى البقرة، خلافاً لمن منع ذلك.
فابن مسعود أعلم الناس بالقرآن.
6- تسمية هذه المواقف بـ الجمرات لا ما يفوه به جهال العامة من تسميتها بـ الشيطان الكبير أو الشيطان الصغير.
فهذا حرام، لأن هذه مشاعر مقدسة محترمة، تعبدنا الله تعالى برميها، والذكر عندها.
وأعظم من ذلك ما يسبونها به من ألفاظ قبيحة منكرة، وما يأتون عندها مما ينافي الخشوع والخضوع والوقار، من رميها بأحجار كبيرة، أو رصاص، أو نعال.
كل هذا حرام مناف للشرع، لما فيه من الغلو والجفاء، ومخالفة الشارع.

.باب فضل الحلق وجواز التقصير:

الحديث الأول:
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضيَ الله عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال:
«اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ». قالوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُول الله؟ قال: «الَّلهُمَّ ارْحَم الْمحَلِّقِينَ» قالوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «الَّلهُمَّ ارْحَمِ المُحلِّقِينَ»، قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ الله قال: «وَالمُقَصِّرِينَ».
المعنى الإجمالي:
الحلق والتقصير من مناسك الحج والعمرة الجليلة.
والحلق أفضل من التقصير لأنه أبلغ في التعبد، والتذلل لله تعالى، باستئصال شعر الرأس في طاعة الله تعالى.
ولذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين بالرحمة ثلاثاً.
والحاضرون يذكرونه بالمقصرين فيعرض عنهم، وفي الثالثة أو الرابعة أدخل المقصرين معهم في الدعاء، مما يدل على أن الحلق في حق الرجال هو الأفضل.
هذا ما لم يكن في عمرة التمتع، ويضيق الوقت بحيث لا ينبت الشعر لحلق الحج، فليقصر، فهو في حقه أفضل.
ما يؤخذ من الحديث:
1- مشروعية الحلق أو التقصير. والصحيح أنَّ أحدهما واجب للحج والعمرة.
2- فضل الحلق على التقصير في حق الرجال، وهو مجمع عليه.
وهذا ما لم يكن في عمرة متمتعاً بها إلى الحج، ويضيق الوقت، بحيث لا ينبت قبل حلق الحج، فحينئذ يكون التقصير أولى.
3- المراد بالحلق استئصال شعر الرأس بأي شي، والتقصير الأخذ من أطرافه، بقدر أنملة.
4- المشروع، هو الاكتفاء بالحلق أو التقصير، لا الإتيان بهما جميعاً.
5- استدل بتفضيل الحلق على التقصير، بأنهما نسكان من مناسك الحج، وليسا لاستباحة المحظور فقط. وإلا لما فضل أحدهما على الآخر.
وهذا هو الأصحّ من قولي العلماء، وهو ما ذهب إِليه الجمهور، وهو مذهب الأئمة الأربعة.
6- الذي يفهم من الحلق في هذا الحديث، هو أخذ جميع شعر الرأس.
وهو الصحيح الذي يدل عليه الكتاب والسنة من قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، وهو مذهب الإمامين، مالك، وأحمد.

.باب طواف الإفاضة والوداع:

الحديث الأول:
عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: حَجَجْنَا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَأفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ فأراد النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أهْلِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إنَّهَا حَائِضٌ، فقالَ: «أحَابِسَتُنَا هِي؟» فقالوا: يَا رَسُولَ الله، إنَّهَا قَدْ أفَاضَتْ يَوْمَ النَحْرِ. قال: «اخْرُجُوا».
وفي لفظ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عَقْرَى حَلْقَى، أَطافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قيل: نَعَمْ. قال: «فَانْفِرِي».
الغريب:
أفضنا يوم النحر: فاض الماء، سال. وسمي طواف الزيارة بطواف الإفاضة لزحف الناس ودفعهم بكثرة في بطاح مكة، إلى البيت الحرام.
أحابستنا: الاستفهام للإنكار والإشفاق مما يتوقع.
عقري حلقي: بفتح الأول منهما وسكون الثاني، والقصر بغير تنونين. هكذا يرويه الأكثرون بوزن غضبى لأنه جاء على المؤنث. والمعروف في اللغة التنوين مثل سقياً ورعياً هكذا قال سيبويه وأبو عبيد. ومعناه الدعاء علها بالعقر وهو مثل الجرح في جسدها. والدعاء عليها بوجع الحلق أيضاً. وخرج الزمخشري معناه على أنهما صفتان للمرأة المشؤومة أي أنها تعقر قومها وتستأصلهم ويحتمل أن يكونا مصدرين مثل الشكوى. ولم يقصد منهما حقيقة الدعاء وإنما هما لفظان يجريان على لسان العرب، كـ تربت يداك وثكلتك أمك.
فانفري: بكسر الفاء وضمها، والكسر أفصح، وبه جاء القرآن {انْفِرُوا خفافاً وَثِقَالاً} ومعناه: اخرجي.
المعنى الإجمالي:
ذكرت عائشة رضي الله عنها: أنهم حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.
فلما قضوا مناسكهم أفاضوا ليطوفوا بالبيت العتيق، ومعهم زوجه صفية رضي الله عنها.
فلما كان ليلة النفر، حاضت صفية فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يريد منها ما يريد الرجل من أهله، فأخبرته عائشة أنها حاضت.
فظن صلى الله عليه وسلم أنه أدركها الحيض فلم تطف طواف الإفاضة.
لأن هذا الطواف ركن لا يتم الحج بدونه، قال صلى الله عليه وسلم:
أحابستنا هي هنا حتى تنتهي حيضتهاْ وتطوف لحجها؟.
فأخبروه أنها قد طافت طواف الإفاضة قبل حيضها.
فقال: فلتنفر، إذ لم يبق عليها إلا طواف الوداع، وهي معذورة في تركه.
ما يؤخذ من الحديث:
1- أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، لا يسقط بحال.
2- أن على أمير الحج ورئيس الرفقة ونحوهما انتظار من حاضت حتى ينتهي حيضها، وتطوف طواف الحج.
3- أن طواف الوداع غير واجب على الحائض، وأنها تخرج، وليس عليها فداء، لتركها الطواف.
الحديث الثاني:
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ رَضيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: أُمِر النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ،إلاَّ أَنَّهُ خففَ عَنِ الْمَرأةِ الْحَائِض.
المعنى الإجمالي:
لهذا البيت الشريف تعظيم وتكريم، فهو رمز لعبادة الله والخضوع والخشوع بين يديه فكان له في الصدور مهابة، وفِى القلوب إجلال وتعلق، ومودة.
ولذا شرع للقادم عليه أن يحييه بالطواف به قبل كل عبادة، لأن الطواف ميزته، ولدى السفر أن يكون آخر عهده به ليتفرغ لتلك الساعة الرهيبة، التي تتقطع فيها القلوب، وتذرف فيها الدموعٍ، عند مفارقة هذا البيت الذي تهفو إليه الأفئدة وتحن للقرب منه القلوب شوقاً إلى رحابه المقدسة، ومشاعره المعظمة، حيث تنزلت وحلَّت البركات، وهبطت الرحمات، وشعَّت الأنوار.
وهذا الطواف الأخير، وتلك الوقفة الحزينة بين الركن والباب في حق كل راحل من مقام هذا البيت، سواء كان حاجَّا أو غيره. إلا المرأة الحائض، فلكونها تلوث المسجد بدخولها سقط عنها الطواف بلا فداء.
ما يؤخذ من الحديث:
1- وجوب طواف الوداع في حق كل مسافر من مكة، سواء كان حاجَّاً أم غيره. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وطواف الوداع ليس من تمام الحج، ولكن كل من خرج مِن مكة عليه أن يودع، ولهذا من أقام بمكة لا يودع على الصحيح، فوجوبه ليكون آخر عهد الخارج بالبيت.
2- أن الحائض ليس عليها طواف للوداع، ولا دم بتركه.
3- أن طواف الوداع يكون آخر شئون المسافر، لأن هذا معنى الوداع، ومثل شراء بعض الأشياء في طريقه إلى السفر، أو انتظار الرفقة، أو نحو ذلك من التأخر اليسير، لا يضر.
اختلاف العلماء:
ذهب مالك إلى استحباب طواف الوداع دون وجوبه على كل أحد لسقوطه عن الحائض. ولو كان واجباً لما سقط بحال.
وذهب الجمهور- ومنهم الأئمة الثلاثة- إلى وجوبه على غير الحائض. لظاهر الأمر به. قال ابن المنذر: قال عامة فقهاء الأمصار: ليس على الحائض التي أفاضت طواف وداع.

.باب وجوب المبيت بمنى:

الحديث الأول:
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضيَ الله عَنْهُمَا قال: اسْتأذَنَ العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِب رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يَبِيْتَ بِمكَةَ لَيَالِي مِنَىً مِنْ أَجْلِ سِقَايَتهِ، فًأذِنَ لَهُ.
الغريب:
سقايته: المراد بها سقاية الحجيج؛ فخدمة الحجاج، والبيت مقسمة بين قريش.
فكان لعبد مناف، السقاية.
فكانوا قبل حفر زمزم يأتون بالماء بالقرب ونحوها، فلما حفرها عبد المطلب،
أخذ يسقي الحاج منها، فوصلت بالوراثة إلى ابنه العباس، فأقَّره النبي صلى الله عليه وسلم عليها.
المعنى الإجمالي:
المبيت بـ منى ليالي التشريق، أحد واجبات الحج التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن الإقامة بـ منى تلك الليالي والأيام، من المرابطة على طاعة الله تعالى، في تلك الفجاج المباركة.
ولما كانت سقاية الحجيج من القُرَبِ المفضلة، لأنها خدمة لحجاج ببيته وأضيافه؟ رخص لعمه العباس- لكونه قائماً عليها- بترك المبيت بـ منى ليقوم بِسَقْي الحجاج، مما دلَّ على أن غيره، ممن لا يعمل مثل عمله، ليس له هذه الرخصة.
ما يؤخذ من الحديث:
1- وجوب المبيت بـ منى ليالي أيام التشريق.
2- المراد بالمبيت، الإقامة بـ منى أكثر الليل.
3- الرخصة في ترك المبيت لسقاة الحاج، وألحقوا بهم الرعاة.
وبعضهم ألحق أيضاً أصحاب الحاجات الضرورية، كمن له مال يخاف ضياعه، أو مريض ليس عنده من يمرضه.
4- ما كان عليه أهل مكة في جاهليتهم من إكرام الحجاج والقيام بخدمتهم وتسهيل أمورهم. ويعتبرون هذا من المفاخر الجليلة فجاء الإسلام فزاد من إكرامهم فعسى أن نحتذي هذه الآداب ونقدم لضيوف الرحمن ما يكون في الدنيا ذكراً حسناً، وللآخرة ذخراً طيباً.
اختلاف العلماء:
اختلف العلماء: هل المبيت واجب، أو مستحب؟.
فذهب الجمهور- ومنهم الأئمة، مالك، والشافعي، وأحمد- إلى الوجوب.
ووجهه أن تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم العباس بترك المبيت للسقاية، دليل على عدم الرخصة لغيره، ممن لا يعمل مثل عمله.
والدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم بات فيها وقال: «خذوا عني مناسككم».
وذهب أبو حنيفة، والحسن: إلى أنه مستحب.
واختلفوا في وجوب الدم في تركه وهو مبنيٌّ على الخلاف السابق.
فمن أوجبه، أوجب الدم بتركه، ومن استحبه، لم يوجبه.

.باب جمع المغرب والعشاء في مزدلفة:

الحديث الأول:
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضيَ الله عَنْهُمَا: قال: جَمَع النبي صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمَغرِب وَالْعِشَاءِ، بـ جَمْعٍ لِكُلٌ وَاحِدَةٍ مِنهُمَا إقَامَة، وَلَمْ يُسَبِّحْ بينهُمَا وَلا عَلَى أثر وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.
الغريب:
جمع بفتح الجيم، وسكون الميم. هي مزدلفة سميت جمعاً لاجتماع الناس فيها ليلة يوم النحر.
والازدلاف التقرب، فسميت مزدلفة أيضاً، لأن الحاج يتزلفون فيها من عرفة إلى منى وتسمى المشعر الحرام لأنها في داخل حدود الحرم لتقابل تسمية عرفة بالمشعر الحلال، لأنها خارج الحرم.
لم يسبح بينهما: يراد بالتسبيح- هنا- صلاة النافلة، كما جاء في بعض الأحاديث تسمية صلاة الضحى بـ سبحة الضحى لاشتمال الصلاة على التسبيح من تسمية الكل باسم البعض.
المعنى الإجمالي:
لما غربت الشمس منٍ يوم عرفة، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف يشاهد فيها انصرف منها إلى مزدلفة، ولم يُصَلِّ المغرب.
فلما وصل إلى مزدلفة إذا بوقت العشاء قد دخل، فصلَّى بها المغرب والعشاء، جمع تأخير، بإقامة لكل صلاة، ولم يُصَلِّ نافلة بينهما، تحقيقاً لمعنى الجمع ولا بعدهما، ليأخذ حظه من الراحة، استعداداً لأذكار تلك الليلة، ومناسك غدٍ، من الوقوف عند المشعر الحرام، والدفع إلى منى وأعمال ذلك اليوم.
فإن أداء تلك المناسك في وقتها، أفضل من نوافل العبادات التي ستدرك في غير هذا الوقت.
ما يؤخذ من الحديث:
1- مشروعية جمع التأخير بين المغرب والعشاء في مزدلفة في ليلتها.
2- الحكمة في هذا- والله أعلم- التخفيف والتيسير على الحاج، فهم في مشقة من التنقل، والقيام بمناسكهم.
3- فيؤخذ منه يسر الشريعة وسهولتها، رحمةً من الشارع، الذي علم قدرة الناس وطاقتهم وما يلائمها.
4- أن يقام لكل صلاة من المغرب والعشاء، إقامة واحدة.
5- لم يذكر في هذا الحديث، الأذان لهما، وقد صح من حديث جابر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم جمع بينهما بأذان وإقامتين ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
6- أنه لا يشرع التنفل بين المجموعتين ولا بعدهما، فهو من باب التيسير والتخفيف، والاستعداد للمناسك بنشاط، لأن هذه المناسك، ليس لها وقت تشرع فيه إلا هذا، فينبغي التفرغ لها، والاعتناء بها قبل فواتها.
7- قال شيخ الإسلام: والسنة أن يبيت بمزدلفة إلى أن يطلع الفجر فيصلي بها الفجر في أول الوقت ثم يقف بالمشعر الحرام إلى أن يسفر جداً قبل طلوع الشمس، فإن كان في الضعفة كالنساء والصبيان فإنه يتعجل في مزدلفة إلى منى إذا غاب القمر، ولا ينبغي لأهل القوة أن يخرجوا من مزدلفة حتى يطلع الفجر.
اختلاف العلماء:
اختلف العلماء في سبب الجمع بين المغرب والعشاء في مزدلفة.
فبعضهم يرى أنه لعذر السفر، وهم الشافعية والحنابلة.
وعلى هذا، فلا يباح لمن لا يباح له الجمع، كأهل مكة.
والحنفية والمالكية، يرون أنه لعذر النسك. وهؤلاء يستحبونه لكل أحدٍ سواء كان مسافراً لنسكه أم لا.
والأولى، اتباع السنة، وهو الجمع لكل حاج، سواء أكان لهذا أم لغيره.
على أنه تقدم لنا أن الصحيح أن السفر لا يقدر بمدة ولا مسافة، وإنما هو كل سفر حُمِلَ له الزاد والمزاد فهو سفر.
ولا شك أن الحاج- سواء أكان آفاقيَّاً، أم مكياً- متحمل في حجه ما يتحمله المسافر من المتاعب والمشاق.
واختلفوا في الأذان والإقامة لهاتين الصلاتين.
فذهب بعضهم- ومنهم سفيان- إلى أنهما تصليان جميعاً، بإقامة واحدة.
وذهب بعضهم- ومنهم مالك- إلى أنهما تصليان بأذانين وإقامتين.
وذهب بعضهم- ومنهم إسحاق- إلى أنهما تصليان بإقامتين فقط.
والصحيح ما ذهب إليه الإمامان الشافعي وأحمد وغيرهما، من أنهما تصليان بأذان واحد وإقامتين.
وحجتهم في ذلك ما ذكره جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في حديثه الطويل، الذي وصف به حجة النبي صلى الله عليه وسلم من أولها إلى آخرها لأنه حرص على معرفة أحواله، وتتبع أقواله وأفعاله، فحفظ من هذه الحجة ما لم يحفظ غيره.
أما سبب اختلاف العلماء في الأذان والإقامة، فهو تعدد الروايات.
فقد صح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاتين بالمزدلفة بإقامة واحدة.
وروي عن ابن عمر ثلاث روايات، إحداهن:- أنه جمع بينهما فقط، وهي حديث الباب الذي معنا.
والثانية:- أنه جمع بينهما بإقامة واحدة لهما.
والثالثة:- أنه صلاهما بلا أذان ولا إقامة.
وكلها روايات صحيحة الإسناد، وبعضها في الصحيحين، وبعضها في السنن.
بما أن القضية واحدة فلا يمكن حمل كل رواية على حال، ولا يمكن النسخ ولا الجمع بين الروايات.
فالأحسن الأخذ بما تقدم من رواية جابر الذي نقل حجته صلى الله عليه وسلم بلا اضطراب.
وتُعَدُّ باقي الروايات مضطربة المتون، فتطرح. وهذا رأي ابن القيم رحمه الله تعالى.

.باب المحرم يأكل من صيد الحلال:

الحديث الأول:
عَنْ أبي قَتَادَةَ الأنْصَارِي رَضي الله عَنْهُ: أنَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجُوا مَعَهُ، فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ- فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ- وَقَالَ: خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْر حَتَّى نَلْتَقِي. فَأخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انصَرَفُوا أحْرَمُوا كُلُّهُم إلاَّ أبَا قَتَادَةَ لمْ يُحْرِمْ. فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إذْ رَأوْاِ حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ أبو قتَادَةَ عَلَى الْحُمُرِ فَعَقَرَ مِنْهَا أتَاناً، فنَزَلْنَا وَأكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا، ثُمَّ قُلْنَا: أنَأكُلُ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُون؟!, فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لحْمِهَا، فَأدْرَكَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَسَألنَاهُ عَنْ ذلِكَ, فَقَالَ: «مِنْكُمْ أحَدٌ أمَرَهُ أنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أوْ أشَاَرَ إلَيْهَا؟»,قَالُوا: لا. قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «فكُلوا مَا بَقِيَ مِنْ لحْمِهَا». وفي رواية: «هَلْ مَعَكُم منْهُ شَيءٌ؟» فقلتُ: نَعَمْ. فَنَاوَلتُهُ الْعَضُدَ، فَأكَلَ مِنْهَا، أو: «فَأكَلَهَا».
الغريب:
خرج حاجاً: من المعتمد أن ذلك في عمرة الحديبية فأطلق على العمرة الجج، وهو جائز.
فإن الحج- لغة القصد، والمعتمر قاصد البيت.
حُمر وحش: نوع من الصيد على صفة الحمار الأهلي، ومفردها حمار.
ونسبت إلى الوحش، لتوحشها، وعدم استئناسها.
أتاناً: هي الأنثى من الحمر.
المعنى الإجمالي:
خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، يريد العمرة.
وقبل أن يصل إلى محرم المدينة، القريب منها، وهو ذو الحليفة بلغه أنَّ عَدُوُّاً أتى من قِبَل ساحل البحر يريده، فأمر طائفة من أصحابه- فيهم أبو قتادة- أن يأخذوا ذات اليمين، على طريق الساحل، ليصدوه، فساروا نحوه.
فلما انصرفوا لمقابلة النبي صلى الله عليه وسلم في ميعاده، أحرموا إلا أبا قتادة فلم يحرم.
وفي أثناء سيرهم، أبصروا حمر وحش، وتمنوا بأنفسهم لو أبصرها أبو قتادة لأنه حلال.
فلما رآها حمل عليهاْ فعقر منها أتاناً، فأكلوا من لحمها.
ثم وقع عندهم شك في جواز أكلهم منها وهم محرمون، فحملوا ما بقي من لحمها حتى لحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم.
فسألوه عن ذلك فاستفسر منهم: هل أمره أحد منهم، أو أعانه بدلالة، أو إشارة؟ قالوا: لم يحصل شيء من ذلك.
فَطَمْأَن قلوبهم بأنها حلال، إذ أمرهم بأكل ما بقي منها، وأكل هو صلى الله عليه وسلم منها.
الحديث الثاني:
عَن الصَّعْبِ بْنٍ جَثامَةَ الَّلَيْثِيِّ رَضيَ الله عَنْهُ أنَّهُ أَهْدَى إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِمَاراً وَحْشِيَّاً وَهُوَ بِالأبْوَاءِ- أوْبـ ودَّان- فَرَدَّهُ عَلَيْهِ. فَلَمَّا رَأى مَا في وَجْهِهِ قَالَ: «إنَا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلا أَنَّا حُرُم».
وفي لفظ لـ مسلم: رِجلَ حِمَار. وفي لفظ شِقَ حِمَار وفي لفظ: عَجُزَ حِمَارٍ.
قال المصنف: وجه هذا الحديث: أنه ظنّ أنه صِيدَ لأجله، والمحرم لا يأكل ما صِيدَ لأجله.
الغريب:
الصعب: بفتح الصاد المهملة، وسكون العين المهملة.
جثامة: بفتح الجيم والميم، وتشديد الثاء المثلثة.
الأبواء، ودان: تقدم ضبط الأبواء، وأنه المكان المعروف بـ مستورة.
وأما ودان فموضع قريب منه، وهو بفتح الواو، وتثقيل الدال المهملة، بعدها ألف ونون.
لم نرده: استعمل بفتح الدال، ويجوز ضمها.
إنا حرم: بكسر الهمزة وفتحها.
فالكسر، على أنها ابتدائية لاستئناف الكلام.
والفتح، على حذف لام التعليل.
والأصل: «إنا لم نرده عليك إلا لأننا حرم».
«وحرم» بضم الحاء، والراء المهملتين، أي محرمون.
المعنى الإجمالي:
لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وبلغ إما الأبواء أو ودان، وأحدهما قريب من الثاني، أهدى إليه الصعب بن جثامة حماراً وحشياً.
وكان من عادته الكريمة، وتواضعه المعروف، قبول الهدية، مهما قلَّتْ، ومن أيِّ أحد.
وقد رده عليه لأنه ظن أنه صاده لأجله، وهو أولى من تورَّع عن المشتبه، وما صاده الحلال للمحرم، فإنه لا يحل له.
وأخبره بسبب ردِّه عليه، وهو أنهم محرمون، والمحرمون لا يأكلون مما صيد لهم، لئلا يقع في نفسه شيء من ردِّ هديته.
ما يؤخذ من الحديث:
1- قبوله صلى الله عليه وسلم الهدية، جبراً لقلوب أصحابها.
2- رد الهدية إذا وُجد مانع من قبولها، وإخبار المُهْدِي بسبب الرد لتطمئن نفسه، وتزول وساوسه.
3- تحريم صيد الحلال على المحرم، إذا كان قد صيد من أجله.
اختلاف العلماء:
اختلف العلماء في أكل الصيد المصيد للمحرم.
فمذهب أبي حنيفة، وعطاء، ومجاهد، وسعيد بن جبير، جواز أكل المحرم لما صاده الحلال من الصيد، سواء أصاده لأجله أم لا.
وهو مرويٌّ عن جملة من الصحابة، منم عمر بن الخطاب، والزير، وأبو هريرة.
وحجة هؤلاء، حديث أبي قتادة المذكور في هذا الباب.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أكل منه، وأقر رفقة أبي قتادة على أكلهم قبل أن يأتوا إليه، وأمرهم بالأكل منه أيضاً.
وذهب طائفة إلى تحريم لحم الصيد على المحرم مطلقاً، سواء صيد لأجله أم لم يصد لأجله..
ومن هؤلاء، على بن أبي طالب، وابن عباس، وابن عمر، ومَرْوِيٌّ عن طاوس، وسفيان الثوري.
وحجة هؤلاء عموم قوله تعالى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَادُمْتُمْ حُرُمَاً}.
وحديث الصعب بن جثامة الذي معنا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رده وعلَّل الرد بمجرد الإحرام.
وذهب جمهور العلماء- ومنهم الأئمة، مالك، والشافعي، وأحمد،. وإسحاق وأبو ثور- إلى التوسط بين القولين.
فما صاده الحلال لأجل المحرم، حرم على المحرم، وما لم يصده لأجله، حل له. وقد صح هذا التفصيل، عن عثمان بن عفان.
وأراد بهذا التفصيل، الجمع بين حديث أبي قتادة، وحديث الصعب بن جثامة، لأن كليهما صحيح، لا يمكن رده.
ومما يؤيد هذا الرأي، ما روى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صيد البر لكم حلال، وأنتم حرم، مال تصيدوه أو يُصَدْ لكم».
وبهذا تجتمع الأدلة، وإعمالها أحسن من إهمال بعضها مع صحتها.
وهو جمع مستقيم، ليس فيه تكلُّف أو تعسُّف.
قد يستبعد أن يصيد أبو قتادة الحمار الوحشي لأجله وحده، دون رفقته، وهو إشكال في موضعه.
والذي يزيل هذا الإشكال هو أن نفهم أن الصيد عند العرب هواية محببة لديهم، وظرف يتعشقه ملوكهم وكبارهم.
فلا يبعد أن أبا قتادة، لما رأى حمر الوحش، شاقه طرادها قبل أن يفكر في أنه سيصيدها ليأكل لحمها هو وأصحابه.
أدب الزيارة:
المسافر إلى المدينة المنورة لقصد العبادة يشرع له أن يقصد بسفره إليها زيارة المسجد النبوي الشريف، وعبادة الله تعالى فيه لأنه المسجد الثاني في الفضل ومضاعفة العبادة، والدليل على ذلك ما جاء في حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه إذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» رواه الإمام أحمد وصححه ابن حبان.
هذا هو القصد المسنون شرعاً، وليس زيارة قبره الشريف، لأنه نص في الحديث الذي رواه البخاري على أن الزيارة للمسجد، وذلك في قوله: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام. ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» وقد روى مسلم هذا الحديث أيضاً. وليس النهي عن شد الرحل إلى قبره الشريف استخفافاً بحقه صلى الله عليه وسلم، فإن محبته مقدمة على محبة كل شئ بعد الله.
ولكنه امتثال لأمره، وقد قال الله تعالى في حقه: {ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا}.
فإذا وصل الزائر إلى المسجد النبوي الشريف استحب له عند الدخول أن يقدم رجله اليمنى، ويقول: بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، ثم يصلي ركعتين، والأفضل أن يكونا في الروضة الشريفة لقوله صلى الله عليه وسلم: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ويزور بعد الصلاة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فيقف تجاه القبر مما يلي وجهة الكريم بأدب وخفض صوت ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. وذلك لما جاء في سنن أبي داو د عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام» ولا بأس أن يزيد في السلام بقوله: «السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خير خلق الله، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين، أشهد أنك بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في اللّه حق جهاده، فجزاك الله عن أمتك خير الجزاء» ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد».
ثم يمضي الزائر إلى يمينه، قليلاً فيسلم على أبي بكر الصديق رضي الله عنه. ثم إلى يمينه أيضاً، فيسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ثم يتوجه إلى القبلة ويدعو الله بما أحب، ولكن الأفضل أن يدعو بالأدعية الشرعية المأثورة، وأن يقدم من الدعاء ما فيه نصر دين الله وإعلاء كلمته، ويدعو لنفسه ولوالديه، ولمشايخه وأقاربه والمسلمين عامة. ويدعوا الله أن يشفع به محمداً صلى الله عليه وسلم وبوالديه وذريته وأقاربه ومن له حق عليه من المسلمين.
وإذا أراد العودة من المدينة المنورة فعل وقال مثلما تقدم. وتستحب زيارة البقيع والدعاء فيه للموتى بالدعاء المأثور، وهو خاص بالرجال. وكذلك تستحب زيارة مسجد قباء، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يزوره، ويحسن الذهاب إلى أحد لمشاهدة مكان المعركة والدعاء للشهداء والترضي عنهم، ومنهم حمزة بن عبد المطب رضي الله عنه.
أشياء يجب على الزائر اجتنابها:
بما أن الزائر قد جاء إلى المدينة المنورة لغاية دينية- وهي العبادة- فعليه أن يلتزم باتباع ما شرعه الله ورسوله، وذلك باجتناب ما نهيا عنه. ومن ذلك:-
1- الابتعاد عن التفوه بمطالب توجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، والله وحده هو القادر عليها، كتفريج الكربات وإبراء المرضى وزيادة الرزق وغير ذلك. أما الشفاعة فتكون بدعاء الله أن يشفع به نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم. فإن طلب مالا يقدر عليه إلا الله من غيره لشرك وضلال.
2- الاتجاه وقت الدعاء إلى القبلة لا إلى القبر الشريف، فإن ذلك أقرب للإجابة.
3- عدم الطواف والتمسح بالقبر الشريف، فقد أجمع العلماء الأئمة وسلف الأمة على أن الطواف بغير الكعبة لا يجوز بحال. وأنه لا يتمسح إلا بالركن اليماني والحجر الأسود من الكعبة المشرفة.
4-عدم الإكثار من التردد على القبر الشريف للسلام والزيارةَ، فإن الإكثار غير مشروع، لأنه لم يكن من عادة الصحابة رضي الله عنهم ولا من مذهب السلف الصالح. ويكفي المسلم أن يصلي ويسلم على الرسول في أي مكان كان، لأن الصلاة والسلام يبلغانه ولو كان فاعل ذلك في أقصى المعمورة.
5- ألا يقف الزائر عند القبر أو بعيدا عنه وقد اتخذ هيئة الوقوف في الصلاة جاعلاً يديه على صدره، مسبلاً عينيه، ومرخياً حاجبيه، والرسول عليه الصلاة والسلام أهل للاحترام ولكن بغير هذه الوقفة التي هي من خصائص الوقوف بين يدي الله تعالى.
6- يكره عنده رفع الصوت بالسلام والترحم والدعاء، فقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي، ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض، أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون}.